مفوضية حقوق الإنسان تناقش الاختفاء القسري في هندوراس

خلال فعاليات الدورة الـ54 في جنيف

مفوضية حقوق الإنسان تناقش الاختفاء القسري في هندوراس

استعرض المنتدى الدولي لتعزيز حقوق الإنسان تقريره أمام الدورة الـ54 لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة في جنيف خلال الفترة من 11 سبتمبر إلى 6 أكتوبر 2023.   

وقدمت المفوضية السامية لحقوق الإنسان تقريرا تناول الهدف من زيارة هندوراس وجهود مكافحة الاختفاء القسري وشهادات أهالي الضحايا وغيرها.

ووفقًا للتقرير، كان الهدف من زيارة هندوراس الحصول على معلومات مباشرة حول حالة حقوق الإنسان في البلد فيما يتعلق بحالات الاختفاء القسري، بهدف تحديد التقدم المحرز في حماية الحق في المعرفة الحقيقية والعدالة والتعويض والذاكرة، وكذلك التحديات والعقبات الرئيسية التي تواجه البلد اليوم، بما في ذلك ما يتعلق بالوقاية من أعمال الاختفاء القسري.  

وخلال الزيارة، أتيحت الفرصة للفريق العامل للاجتماع بسلطات ومؤسسات مختلفة في الدولة، مثل رئيسة الجمهورية، ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، والأمانة العامة للرئاسة، وأمانة الدولة لحقوق الإنسان، وأمانة الأمن، وعدة لجان من الكونجرس الوطني، والنيابة العامة وغيرها.

والتقى الفريق العامل أيضاً مع عائلات الأشخاص المختفين وضحايا الاختفاء القسري، ومنظمات المجتمع المدني، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ووكالات وبرامج الأمم المتحدة في البلد. 

ووفقًا للتقرير، تاريخياً كانت هناك ثلاث مراحل رئيسية في هندوراس شهدت انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك حالات الاختفاء القسري، وجاءت ممارسة الاختفاء القسري في سياق تطبيق "عقيدة الأمن القومي" في الثمانينيات والتسعينيات، وقد حددت محكمة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان في قضيتي فيالسكيز رودريغيز ضد هندوراس وغودينيز كروز ضد هندوراس وجود ممارسة منهجية وانتقائية لعمليات الاختفاء التي نفذتها القوات المسلحة وقوات الأمن التابعة للدولة أو بحمايتها أو تسامحها في هندوراس، بين عامي 1981 و1984. 

وأشار التقرير إلى أن لجنة أسر المعتقلين المختفين في هندوراس سجلت 184 حالة اختفاء قسري خلال تلك الفترة، بما في ذلك اختفاء 25 امرأة قسراً، على الرغم من أن هذه الأرقام لا تعكس إجمالي عدد الحالات بسبب نقص التسجيل وانعدام التحقيقات.

وفي سياق الانقلاب العسكري الذي وقع في 28 يونيو 2009، بعده خُلع الرئيس آنذاك مانويل زياليا من قبل الجيش الهندوراسي، وثقت لجنة أسر المعتقلين المختفين في هندوراس 13 حالة الأشخاص اختفوا قسراً بعد اعتقالهم من قبل السلطات الحكومية.. وتم الإبلاغ عن حالات اختفاء قسري في ما يتعلق بالاحتجاجات في سياق الأزمة ما بعد الانتخابات عام 2017.

وتلقى الفريق معلومات تتعلق بحالات اختفاء قسري، بما في ذلك على المدى القصير، والتي ما زالت تحدث حالياً، وخاصة في سياق عمليات الاعتقال والمداهمات من قبل قوات إنفاذ القانون، وتحديداً للمقيمين في الأحياء الفقيرة، وكذلك الأطفال والشباب، في سياق مكافحة الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات.

 تلقى الفريق العامل أيضاً معلومات مفصلة عن حالات الاختفاء التي ارتكبتها الجريمة المنظمة، وكذلك في سياق النزاعات على الأراضي والهجرة. 

ويرى التقرير أنه من الضروري التحقيق بشكل سليم ومستقل في جميع عناصر هذه الجرائم، بما في ذلك التورط المحتمل للمسؤولين الحكوميين، سواء بشكل مباشر أو بدعمهم أو موافقتهم. 

وأتيحت الفرصة للفريق العامل للحصول على معلومات حول الاختفاء القسري المحتمل لأربعة أعضاء من المجتمع الغاريفوني في تريونفو دي لا كروز.  

ويقدر الفريق العامل التزام الحكومة المعلن بنزع سلاح الأمن المدني، مع الإشارة في الوقت نفسه بقلق إلى أن شرطة النظام العام العسكرية ما زالت تضطلع بمهام الأمن العام، بما في ذلك تنفيذ عمليات الاعتقال والمداهمات في مناطق مختلفة من البلد. 

ورحب الفريق العامل بتصديق هندوراس على المعاهدات الرئيسية لحقوق الإنسان، وبشكل خاص يحتفل بالتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري في عام 2008.  

ولاحظ الفريق العامل أن الاختفاء القسري مجرَّم كجريمة في المواد من 140 إلى 142 من قانون العقوبات. ومع ذلك، كما أشارت لجنة مناهضة الاختفاء القسري في عام 2018، يعتبر الفريق العامل من المقلق أن الجريمة مجرمة فقط في إطار جرائم الإبادة الجماعية، بالإضافة إلى ذلك، وفقًا للمادة 7 من الاتفاقية، يجب أن تتضمن المادة 141 من قانون العقوبات بين الظروف المشددة فئات أخرى من الأشخاص الضعفاء، مثل الشعوب الأصلية. 

ولفت التقرير إلى وجوب تغطية أوجه المسؤولية الجنائية المختلفة، بما في ذلك ما يتعلق بأي شخص يرتكب أو يأمر باختفاء قسري أو يطلبه أو يحرض على ارتكاب اختفاء قسري، أو يحاول ارتكابه، أو يكون متواطئا أو مشاركا فيه، كما يجب النص صراحةً على تطبيق المسؤولية الجنائية الفردية للقيادة أو المسؤولين عن هذه الجريمة. 

وأورد التقرير أنه بعد مرور أكثر من أربعة عقود على بدء عمليات الاختفاء القسري في سياق "عقيدة الأمن القومي"، لم يتم تطوير سجل فريد لضحايا الاختفاء القسري، سواء من حالات الثمانينيات أو الحالات الحالية، بحيث لا توجد إحصاءات رسمية تسمح بمعرفة مدى المشكلة أو تصميم سياسات فعالة لتقديم استجابة. 

ولم يتم تطوير قاعدة بيانات وراثية لأقارب الباحثين عن أحبائهم المختفين قسرًا، ما يؤثر بشكل مباشر على النتائج المتواضعة المحققة، حيث حتى في حالة العثور على رفات لأشخاص مختفين مزعومين، تفتقر الدولة إلى القدرة على مقارنة المعلومات الوراثية مع جميع الأسر التي تبحث عن أحبائها، كما أنه لا يوجد في هندوراس سجل أو قاعدة بيانات للرفات غير المعرّفة التي تم العثور عليها.

 وأبلغ الفريق العامل من قبل المشرعين في الكونجرس الوطني عن تطوير مشروع قانون بشأن المختفين، والذي من شأنه إنشاء قاعدة بيانات وراثية جنائية بهدف تحسين فعالية التحقيقات الجنائية، كما يتضمن مشروع القانون إنشاء قاعدة بيانات وراثية تحتوي على معلومات من العائلات التي تبحث عن ضحايا الاختفاء القسري.

ووفقًا للتقرير تتطلب تحديات الاختفاءات الكبيرة للأشخاص المهاجرين في هندوراس، وكذلك الهندوريين في بلدان طرق الهجرة، أن تأخذ سياسة البحث الشاملة التي سيتم تنفيذها في الاعتبار الحاجة إلى تنسيق خطير ودائم مع وكالات البحث عن الأشخاص المختفين في بلدان المنطقة الأخرى لضمان البحث الفعال عن الأشخاص المختفين في سياق التنقل البشري. 

واستنادًا إلى التحليل المتعمق للقضية، وكذلك المقابلات التي أجراها الفريق العامل خلال الزيارة، ظهر عدم فعالية التماس الحبس الشخصي أو الحبس الاحتياطي للبحث عن المختفين قسرًا من الناحية العملية، كما لا يمكن للفريق العامل أن يهمل الضرر الذي يسببه مرور الوقت دون العثور على إجابات بشأن مصير المختفين ومكان وجودهم لأسرهم وأحبائهم، والذي وصف بأنه تعذيب لشدته.. لذلك، من الضروري أن تتصرف الدولة بإلحاح خاص في ما يتعلق بحالات الاختفاء القسري التي وقعت قبل عقود. 

الإفلات من العقاب

واستطاع الفريق العامل أن يلاحظ خلال الزيارة وجود حالة من إفلات المسؤولين من العقاب، وفي ما يتعلق بعمليات الاختفاء القسري التي وصفت بالفعل في سياقات مختلفة، تمكن من تأكيد عدم وجود أحكام على الجنة أو تقدم جاد في الإجراءات الجنائية. 

وأشار التقرير إلى أن واحدة من أكثر المشكلات خطورة التي لوحظت كانت عرقلة نظام العدالة الجنائية عند تلقي شكاوى الضحايا، مما يضمن الإفلات من العقاب للجناة.

وفي حالات أخرى، أُبلغ الفريق العامل عن رفض مباشر من الشرطة لتسجيل الشكاوى، ما دفع الضحايا إلى البحث عن بديل للإبلاغ عن عمليات الاختفاء وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة في مدن مختلفة عن تلك التي وقعت فيها الانتهاكات.   

وتلقى الفريق أيضاً معلومات عن تهديدات ومضايقات خطيرة لمقدمي الشكاوى، فضلاً عن المدافعين عن حقوق الإنسان ومن يدافعون عن الحق في الأرض والإقليم والبيئة، ما أدى في بعض الأحيان إلى عمليات إعدام خارج نطاق القضاء واختفاء قسري.   

وأكد التقرير أنه ووفقًا للمعلومات التي تم الحصول عليها خلال الزيارة، لم تحرز النيابة العامة أيضًا تقدمًا في الملاحقة الجنائية للمسؤولين الرئاسيين عن الوكالات العسكرية أو الشرطية المتورطة. 

ومن الناحية المؤسسية، لاحظ الفريق العامل ضعفًا واضحًا في النيابة العامة، مع مراعاة تفاقمه بسبب إضراب المدعين العامين والموظفين. 

مبادرات مختلفة لمواجهة انتهاكات حقوق الإنسان

 وعلى مر السنين، تم إطلاق مبادرات مختلفة لمواجهة انتهاكات حقوق الإنسان في هندوراس، بما في ذلك عمليات الاختفاء القسري. 

في 1994، نشر المفوض الوطني لحقوق الإنسان تقرير "الحقائق تتكلم عن نفسها"، الذي وثق 179 حالة اختفاء قسري. 

وخلال الزيارة، لم يتمكن الفريق من توثيق أي حالة استفادت فيها عائلات المختفين من المساعدة النفسية أو الاجتماعية أو الطبية أو غيرها من أنواع الدعم الممولة من الدولة. 57. 

يعتبر إنشاء المواقع التذكارية والنصب أنه يسهم في الاعتراف الاجتماعي الجماعي بالانتهاكات التي وقعت، وكذلك رفضها وإدانتها، مما يخدم في الوقت نفسه كتدبير وقائي. 

تجدر الإشارة إلى غياب النصب التذكارية التي ترعاها الدولة تخليدًا لذكرى ضحايا عمليات الاختفاء القسري في هندوراس، وخلال الزيارات إلى هذه الأماكن، أتيحت الفرصة للفريق للقاء بعض الضحايا والتعرف على نضال لجنة أسر المعتقلين المختفين والأسر لعقود في البحث عن الحقيقة والعدالة والتعويض والذاكرة.

وأعرب الفريق عن أمله في أن تتحمل الدولة مسؤولية ضمان الحق في جبر الضرر والذاكرة بطريقة شاملة وكلية ومتكاملة وبمشاركة وثيقة من عائلات المختفين.

وتلقى الفريق معلومات عن حالات اختفاء قسري في سياق مكافحة الجريمة المنظمة، وتشير الروايات التي تم تلقيها في اجتماعات في جميع أنحاء البلد إلى وجود حاجة ملحة لتعزيز نظام تسجيل الاحتجاز، من خلال إنشاء نظام تسجيل رقمي مركزي لجميع أماكن الاحتجاز يتضمن عمليات النقل بين أماكن الحرمان من الحرية.

ويؤكد الفريق عدم وجود حد زمني، مهما كان قصيراً، لحدوث اختفاء قسري -طالما توفرت العناصر المكونة له- ويجب تسهيل تزويد أسر المعتقلين بسرعة بمعلومات دقيقة عن اعتقال أي شخص ومكان احتجازه. 

ورحب الفريق بإنشاء منصب المدافع عن حقوق الأشخاص المحرومين من حريتهم والمرصد الوطني لحقوق الإنسان مؤخراً، باعتبارهما أداتين ستعززان قدرة المفوضية الوطنية لحقوق الإنسان.

وشدد الفريق على أهمية ضمان تقديم برامج تدريبية منتظمة بشكل مستمر تتضمن التعليم والمعلومات اللازمة حول محتوى الإعلان والاتفاقية، موجهة لموظفي إنفاذ القانون والقضاة والمدعين العامين والموظفين العموميين. 

الاختفاء في سياق الهجرة   

وفي الوقت الحالي، غالبًا ما تقع مسؤولية البحث عن المهاجرين المختفين على عاتق الأسر أنفسها واللجان التي ينظمون أنفسهم فيها. 

وقال التقرير إن الأسر أبلغت عن مشكلات كبيرة في استقبال وتسجيل شهادات الوفاة للأشخاص الذين توفوا في الخارج، ويحث الفريق السلطات الهندوراسية على التعاون مع السلطات المكسيكية لإجراء تحقيقات في حوادث المذابح ضد المهاجرين وتشجيع إنشاء لجنة خاصة للتحقيق فيها. 

وأشار الفريق إلى عدم وجود بروتوكول للتعامل مع جثث المهاجرين الذين توفوا أو قُتلوا أثناء عبور هندوراس.

وأقر بالتزام السلطات في مكافحة الاختفاء القسري وتصريحاتها بالنقائص والتحديات القائمة في مجال حقوق الإنسان.. ومع ذلك، فإن عدم ثقة الضحايا يعود إلى انعدام سياسات البحث بشكل مطلق وانعدام المساءلة المنهجي والمستمر عن انتهاكات حقوق الإنسان. 

ويعتبر الفريق أن على هندوراس أن تتحمل مسؤوليتها وقيادتها وتضاعف جهودها لضمان حقوق ضحايا الاختفاء القسري في مجالات الحقيقة والعدالة والتعويض.

 وأوصى التقرير بضرورة تجريم الاختفاء القسري كجريمة مستقلة في قانون العقوبات ووضع خطة وطنية للبحث عن المختفين، وضمان المساءلة من خلال مقاضاة المسؤولين عن عمليات الاختفاء القسري. 

بالإضافة إلى اعتماد خطة شاملة لجبر الضرر لضحايا الانتهاكات، وإنشاء أماكن للذكرى ونصب تذكارية لضحايا الاختفاء القسري، كذلك تعزيز التنسيق بين السلطات الهندوراسية وسلطات الدول الأخرى للتحقيق في حالات اختفاء المهاجرين، وتقديم جدول زمني في غضون 90 يومًا لتنفيذ التوصيات.

ودعا الفريق إلى الاعتراف باختصاص لجنة مناهضة الاختفاء القسري لتلقي البلاغات الفردية والدولية، وإقرار قانون شامل لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، وضمان الاعتراف القانوني بحق الضحايا في معرفة الحقيقة، كذلك إصدار شهادات غياب قانونية نتيجة الاختفاء القسري، وضمان مشاركة أسر المختفين والمنظمات في صياغة الأطر التشريعية والسياسات العامة.   

ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).

يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية